أخبار وطنية تونس منذ الاستقلال: مشاكل اجتماعية تتفاقم والسبب البطالة
يعد مشكل البطالة من المشاكل التي تعاني منها كل دول العالم، خاصة النامية منها والتي نجد من بينها تونس... وعلى رغم من الإصلاحات والورشات والمؤتمرات التي قامت بها الدولة لازالت نسب العاطلين كبيرة جدا وخاصة من حاملي الشهادات فما هي أسباب وعوامل هذه الظاهرة؟ وما هو تأثيرها على المجتمع؟ وكذلك ما هي المجهودات المبذولة من طرف الدولة للتصدي لهذه الآفة الخطيرة؟
منذ فجر الاستقلال عملت تونس على تأسيس اللبنات الأولى للاقتصاد الوطني لكن جل السياسات المتبعة كانت مستوردة لا تتناسب والبيئة تونسية (من تجربة التعاضد في الستينات الى انتهاج اليبرالية والخوصصة من السبعينات الى الان) مما جعل الاقتصاد التونسي يشهد العديد من الازمات والاعوجاجات وفي بعض الاحيان العديد من التناقضات، الشيء الذي ولد لنا ظاهرة البطالة والتي مازالت تونس تتخبط فيها إلى يومنا هذا.
كما أن عقلية المستثمرين التونسيين لا تهتم إلا بالربح، غير آبهة بتشغيل الشباب والدفع بوتيرة النمو إلى الإمام حيث أطلق عليهم عديد الخبراء اسم "البورجوازية الكسولة" وهذا ما يجعل الاستثمارات لا تستوعب إلا أعدادا ضئيلة من الشبان في سن العمل.
ومن أسباب البطالة كذلك النظام التعليمي بتونس الذي لا يتناسب واحتياجات سوق الشغل حيث تعتبر الجامعة التونسية آلة لإنتاج العاطلين عن العمل لأن العلوم والمواد الملقنة تقليدية وغير موجودة في ميادين العمل، وهذا ما يعمل على تخريج أفواج مهمة من حاملي الشهادات لينضافوا إلى صفوف العاطلين إذ ما استثنينا بعض المعاهد والمؤسسات التكوينية والتي بدورها تفتقر إلى الشروط الأساسية للتحصيل.
نجد أيضا تأخر البحث العلمي ببلادنا، والذي لا يسند إليه الا نسبة ضئيلة من الميزانية العامة للدولة، هذا ما يجعل التكنولوجيا والصناعة بتونس لم ترتق بعد إلى المستوى الذي يدفع بعجلة التقدم الاقتصادي لامتصاص الأعداد الهائلة من العاطلين.
كل هذه الأسباب وأسباب أخرى أثرت في إتجاه إرتفاع أعداد العاطلين عن العمل، مما يؤثر سلبا وبشكل كبير على المجتمع حيث أن هذه الظاهرة تفرز بدورها العديد من الظواهر الأخرى كالفقر والدعارة والإجرام حيث أن العاطل عن العمل تتولد لديه حالة من اليأس وفقدان الأمل الشيء الذي يدفعه إلى القيام بعدة أشياء غير مهتم إلى عواقبها ونتائجها فإما يتعاطى المخدرات وإما يذهب إلى البحث عن مصادر المال بطرق غير مشروعة كالسرقة أو يدخل عالم الاجرام او الحرقة. أما عند الفتيات فإن عالم الدعارة يستهوي البعض من اللواتي لا يجدن عملا شريفا كذلك يصبح هؤلاء العاطلين عبئا على المجتمع وعلى الدولة يستهلكون ولا ينتجون، وهذا ما يزيد من اضطراب الاقتصاد وخلق هوّة بين مختلف شرائح المجتمع.
هذا كله ينتج العديد من المشاكل التي قد تؤثر بشكل كبير على الدولة والمجتمع ولتجاوز هذه العقبات يجب على الدولة اعتماد مقاربة تنموية جديدة تراعي خصوصية كل جهة ورصد اعتمادات اكبر للبحث العلمي واعادة اصلاح وهيكلة التعليم بكل اصنافه اساسي وثانوي وخاصة الجامعي فضلا عن التكوين المهني لمواكبة احتياجات سوق الشغل المحلية والعالمية.
منير هاني